المملكة السعودية وتغيير العلاقات الخارجية في المنطقة وأثرها على العلاقات المصرية السعودية والأراضي المحتلة

العلاقات السعودية المصرية : ولي العهد السعودي سلمان بن عبد العزيز و الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السيسي

العلاقات المصرية السعودية بعد الملك عبدالله، أثارتها بعض وسائل الاعلام و المواقع الإخبارية والصحف ولفتت الى أن هناك تحولا ملحوظا طرأ على ادبيات العلاقة ,وبرهنت على ذلك بعدم حضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لجنازة الملك عبدالله وتوقف أهم برنامجين لقناة العربية عن مصر وهما برنامج”الحدث المصري” وبرنامج “الشارع المصري” ,وبعض الوسائل الاعلامية أشارت الى أن السعودية اشترطت على مصر التصالح مع الاخوان من اجل استمرار الدعم المالي ,اضافة الى نداء حركة حماس للملك سلمان بالعمل على فك الحصار عن غزة وعودة العلاقات مع مصر .

فهل فعلا حدث تحول في العلاقات بين مصر والسعودية ؟ وهل توقف برنامجي العربية الخاصين بمصر كجزء من الخلاف ,أم سياسة جديدة للتحرير؟ وهل من الممكن أن تلعب السعودية دورا مهما في عودة للعلاقات بين حماس ومصر؟

العلاقات السعودية المصرية

وبالاشارة الى العلاقات السعودية المصرية أوضح الكاتب والباحث المختص في العلاقات الدولية د علاء أبو طه أن العلاقت بين البلدين تحكمهما أسس ثابتة لا يمكن تجاوزها بكل الأحوال ولا يمكن للسعودية ان تفرض نفسها كقوة على الساحة السياسية في الشرق الأوسط دون مصر .

ولفت الى أن السعودية خسرت العديد من حلفائها الخليجيين على صعيد العلاقة مع قطر من أجل مصر ,لافتا الى أن كل ادبيات السياسة الخارجية في السعودية تتعامل مع مصر على أنها محورا اقليميا مهما وعلى هذا الأساس يتم تثبيت مفاهيم الشراكة الاقليمية ,مشيرا الى أن السعودية ومصر يشكلان أكبر مساحة في الشرق الأوسط والأكبر من حيث عدد السكان والقوة العسكرية والانتاج اضافة الى العوامل الديمغرافية والسياسية والاقتصادية والصناعية الانتاجية.

ونوه الى أن الولايات المتحدة الأمريكية في تحالفها الاستراتيجي للشرق الأوسط تسعى جاهدة لأن تكون السعودية ومصر طرفان أساسيان في هذا التحالف.

وبدوره أكد الكاتب والباحث السياسي المصري الأستاذ حسام عسكر على أن من المبكر جدا الحكم على العلاقات المصرية السعودية ,لافتا الى ان السعودية ما زالت في طور ترتيب أمورها الداخلية وترتيب البيت السعودي .

وقطعا لكل التنبؤات أشار الى أن الذي حضر تنصيب الرئيس السيسي نيابة عن السعودية هو الملك سلمان عندما كان وليا للعهد.

وشدد على أن التحولات السياسية غالبا ما تكون مرتبطة بالأوضاع وليس بالأهواء كما يصفها البعض ,في اشارة منه للعلاقات الايديولوجية بين مصر والسعودية والمواقف المشتركة فيما بينهم على كافة الأصعدة.

السعودية والاخوان

وعن ما يشاع بأن توجه العاهل السعودي الجديد الملك سلمان الى التقرب من الإخوان بحسب ما نشرته بعض المواقع , أوضح الباحث أبو طه أن موقف السعودية من الاخوان المسليمن واضح منذ البداية عندما ذهبت باتجاه عدم تمكين الاخوان المسليمن من الحكم ووجهت كل الدعم الحالي للنظام المصري الحال ,لافتا الى أن هذه الاستراتيجية كانت أقوى من الخلافات الطفيفة .

وعرض دور الإمارات الداعم على مر السنين لرأب الصدع بين المملكة العربية السعودية ومصر واحتواء الخلافات فيما بينهم واشراك الاردن مؤخرا في تفادي الخلافات بين البلدين من اجل تثبيت حلف قوي في المنطقة.

ونفى أن يتم في الفترة الحالية تصالح اخواني مع مصر ورجح أن يتم سيناريو التصالح مع حركة حماس أكثر بتدخل من السعودية معللا : كيف للنظام المصري أن يعيد الأمور على حالها وهو يصور الإخوان على أنهم عدو منذ أكثر من 8 شهور ؟ .

واستبعد أن يتم في الفترة الحالية أي تدخل من السعودية بين مصر والاخوان ,لافتا الى أن اي تدخل يحتاج الى تمهيد طويل على صعيد الشعب المصري من خلال تهيئة الماكنة الاعلامية لتستطيع التأثير على الشعب بعد أن صورت له الاخوان على مدار أكثر من 8 أشهر على أنهم عدو .

وطرح أبو طه ,من الممكن أن يتم التصالح في حالة واحدة وهي ان تطلب قيادة الإخوان بشكل رسمي من السعودية التدخل لعودة العلاقات مع النظام المصري وبتنازلات مؤلمة يقبلها النظام والشعب المصري ,مشيرا الى أن كيف وماذا ولوسائل تترك للتفاصيل حينما يبحث الأمر بجدية.

ومن جانبه أشار الكاتب والباحث السياسي المصري حسام عسكر الى ان الملك سلمان يسير على نهج سلفه ,في اشارة منه الى العلاقات مع الاخوان لازالت محكومة فيما تم الاتفاق عليه سلقا بين الامارات والسعودية ومصر.

وردا على ما يشاع عبر بعض الوسائل الاعلامية المقربة من الاخوان ,أوضح عسكر ان القيادة المصرية تتعامل بشفافية مع الشعب المصري ولو ان هناك أي مبادرة من قبل السعودية ستطرح عبر الاعلام ليتم التسويق لها على الاساس الذي يراه النظام والشعب المصري ,لافتا الى ان اي تصالح مع الاخوان سوف يسبقه مقدمات .

ورفض ما تناقلته وسائل الاعلام المحسوبة على الاخوان والتي ادعت بأن الملك سلمان اشترط على مصر استمرار الدعم مقابل التصالح مع الاخوان ,لافتا الى أن العلاقات السعودية المصرية علاقات استراتيجية بعيدة كل البعد عن الاشتراطات والاملاءات.

وأشار الى الدعم الخليجي الأخير الذي قدمته الامارات والسعودية والكويت بـ10 مليار دولار لدعم المؤتمر الاقتصادي.

العلاقة مع حماس

وحول علاقة المملكة العربية السعودية مع حركة حماس أكد أن السعودية معروفة من جناح المحافظين وغالبا ما تبحث عن الاستقرار ولا تبحث عن الصراعات .

واستشهد بزيارة خالد مشعل للسعودية أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والتي جبت ما قبلها من تصريحات أغضبت السعودية حينما صرحت الحركة بأنها تبحث عن بوادر للحل من خلال قطر وتركيا وتجاهلت السعودية التي تعتبر نفسها لاعب أساسي ومحوري في المنطقة.

واشار الى أن زيارة مشعل كانت ناجحة بامتياز وعملت على تلطيف الأجوار بعد 45 يوم من الحرب بين السعودية وحركة حماس لذلك ليس من الصعب على السعودية ان تلعب دورا محوريا كهذا وترقى بالعلاقات بين الطرفين لمستوى افضل مما عليه الآن.

وعن دور السعودية في اعادة العلاقات بين مصر و حماس أشار الكاتب حسام عسكر الى أن الخلفية التي تتكلم منها حماس خلفية اخوانية بحتة ,وان هذه الخلفية هي التي تثير القلق والمخاوف لدى المصريين من التعامل مع حركة حماس ,موضحا ان الشعب المصري يكن كل الحب والاحترام للشعب الفلسطيني بعيدا عن الصفة الاخوانية.

ونوه الى أن السعودية يكن أن تلعب دورا مهما ومميزا في عودة العلاقات العربية مع حركة حماس بشرط أن تعترف حماس بالمبادرة العربية للسلام والتي قدمتها السعودية ,مشيرا الى أن عدم اعتراف حماس بالمبادرة العربية يثير المخاوف بالنسبة للسعودية ,كون أن السعودية ترحب فيمن يدخل في تحالفها .

وأشار الى أن الملك سلمان يعي تمام حجم العلاقة مع حركة حماس جيدا ,ولطالما بقيت حركة حماس في هذا الاطار دون أن تخرج منه فلن ترقى العلاقة الى المستوى المطلوب ,ودخول العلاقة في المستوى المطلوب يتطلب تنازلات من حركة حماس وأهمها الموافقة على المبادرة العربية للسلام.

الجدير بالذكر أن العلاقات المصرية السعودية شهدت في عهد الرئيس السيسي والمللك الراحل عبدالله تطورا كبيرا وتحالفا عربيا واقليميا قويا أدى الى تنافس القوى العالمية في تطوير علاقاتها مع مصر والخليج العربي.