لماذا الاستثمار في اكتتاب أرامكو “فرصة ذهبية”؟

بنوك سعودية تستعد لإطلاق تسهيلات مالية كبرى للمساهمين

بنوك

عملية الاكتتاب في أكبر شركة نفطية بالعالم ليست أمراً عادياً، بل هيّ فرصة “ذهبيّة ” لن تتكرر للسعوديين الأفراد بالدرجة الأولى، فضلاً عن كونها منحاً سانحة وجاذبة للمستثمرين الأجانب أيضاً، وحسب ما تم تداوله فإن الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) سيكون موعد إعلان الاكتتاب، وأن الطرح سيكون في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ورغم عدم التأكيد الرسمي لأي من التاريخين فإن جرس الإنذار لموعد الانطلاق بات قريباً، هكذا وصف الخبراء والمتخصصون عملية الطرح الأولي لعملاق النفط السعودي “أرامكو”، فحتى لو قُلّص حجم الطرح لنحو 1% أو 2% فقط بدلاً من 5% المعلن عنها سابقاً فإن الأمر يبقى حدثاً اقتصادياً نادراً.

المتخصصون توقعوا أن تذهب النسبة الكبرى من الاكتتاب إلى “الصناديق السيادية العالمية والمستثمرين الأجانب بنحو يصل إلى 6 مليارات سهم”، بينما سيكون هناك نصيبٌ للمستثمرين الشركات والأفراد في السوق المحلية 4 مليارات سهم.

وفيما تحفّظ الخبراء على التوقّع للسعر المرتقب عند طرح الاكتتاب، إلا أنهم يرون أن القيمة الكاملة المقدّرة لشركة أرامكو بنحو تريليوني دولار تعطي لسهم الاكتتاب سعراً مناسباً، ونظراً لضخامة الطرح فإن السوق المحلية السعودية باتت مستعدة لاستيعاب هذا الحدث مع توقع برد المبالغ بعد 3 أيام من الاكتتاب، إذ يؤكد مصدر خاص مطلع لـ”اندبندنت عربية” أن الاكتتاب “سيتجاوز 3 أضعاف المطلوب”، وبالتالي فإن ذلك يعطي إشارة إلى “استعداد أرامكو للطرح الدولي بعد ذلك”، وقد تكون بورصة “طوكيو” هي السوق المستهدف أولاً.

وعلى الرغم من الخطوات التي اتخذتها أرمكو السعودية خلال السنتين الماضيتين في شأن الإعلان عن تقارير مالية مهمة حول وضعها، إلى جانب الكشف عن برامجها وعملياتها ومشروعاتها التوسعيّة، فإن تحديد الوقت المناسب للطرح وتفاصيله ظل يتراوح بين تكهنات الاقتصاديين والإعلام، إذ تناول العديد من التقارير النسبة المتوقع طرحها في السوق السعودية بين 1 – 2 في المئة من الخمسة في المئة المزمع طرحها، وبسعر يصل إلى 37 دولاراً (10 دولارات) للسهم الواحد، وذلك بحسب التقارير وتكهنات الاقتصاديين .

سيولة مصرفية ضخمة قادمة للأفراد
ويشير المصدر المطلع إلى أن البنوك السعودية باتت مستعدة لضخ سيولة كبرى للأفراد، مع المشاركة بضمان الأسهم، ويرى المصدر أن على الأفراد الاحتفاظ بأسهمهم فترة طويلة، إذ يعتبر الطرح بمثابة “استثمار طويل المدى”، وهو ادخار استراتيجي في محله ووقته.

وفي خطوة تشجّع على جذب المستثمرين على التنافس على الاكتتاب سبقت أرامكو بإعلانها توزيع أرباح على ملّاكها بقيمة 75 مليار دولار في 2020، بزيادة بأكثر من 29% عن توزيعات 2018.

ويعد الاكتتاب العام الأولي لأرامكو هو الأكبر في العالم على الإطلاق، إذ تقدر القيمة السوقية بأكثر من تريليوني دولار، كما أنه حجر الزاوية في خطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتنويع موارد أكبر اقتصاد عربي، وتقليص اعتماده على إيرادات النفط.

سعر الاكتتاب المتوقع
ويرى علي حمودي محلل أسواق المال الخليجية، أن السعر سيكون “double figures” للسهم، وسيكون النصيب الأكبر للمؤسسات والصناديق السيادية.

وذكر حمودي، أن أرامكو تتطلع إلى طرح حصة من 1% إلى 2% في سوق تداول بالسعودية، فيما سيكون أحد أكبر العروض العامة الأوليّة على الإطلاق، التي تصل قيمتها إلى 20 مليار دولار.

وأفاد بأن أرامكو لديها عدة مقومات تضمن نجاح الطرح على الرغم من ضخامته أبرزها “الربحية العالية”، التي وصلت إلى أكثر من 68 مليار دولار في التسعة أشهر الأولى من العام 2019، ما عزز مكانتها كأكبر شركة ربحيّة في العالم. من ناحية أخرى يجب الاستقرار على بورصة عالمية لها سمعة جيدة، وتتحمل استقبال سيولة عالية سيساعد على نجاح الطرح.

وأشار حمودي إلى أن هناك عدداً من صناديق التقاعد والاستثمار الروسية ترغب في الاستثمار بالاكتتاب العام في أرامكو، إلى جانب بعض المؤسسات الصينية الكبرى.

من جانبه، ذكر رئيس مجلس إدارة أرامكو ياسر الرميان، عن عملية الطرح في المؤتمر، “سيكون لدينا مساهمون كثر قريباً”، متفادياً تحديد تاريخ بدء الاكتتاب.

وكانت أرامكو فتحت دفاتر حساباتها للمرة الأولى منذ تأميمها قبل 40 عاماً، لوكالتي “فيتش” و”موديز” الدوليتين للتصنيف الائتماني في أبريل (نيسان) الماضي، في إطار استعداداتها لجمع الأموال من المستثمرين.

وحقّقت الشركة العملاقة أرباحاً صافية بلغت 111 مليار دولار العام الماضي، لتتفوق على أكبر خمس شركات نفطية عالمية، وحققت عائدات بقيمة 356 مليار دولار.

إلى ذلك، ذكرت “بلومبيرغ”، نقلاً عن مصادر، أن “أرامكو أبلغت مصرفيين معنيين بالطرح الأولي بأنها حققت 68 مليار دولار في أول تسعة أشهر. وفي أغسطس (آب)، أعلنت أرامكو إيراداتها النصفية للمرة الأولى في تاريخها”، مشيرة إلى تراجعها في النصف الأول من عام 2019 إلى 46.9 مليار دولار، مقابل 53.0 مليار دولار للفترة ذاتها من العام الماضي.

وتقدّر أرامكو احتياطيات النفط المثبتة بـ227 مليار برميل، واحتياطياتها من الهيدروكربون بـ257 مليار برميل من المكافئ النفطي، ما يكفي لأكثر من نصف قرن، وهو مستوى عالٍ ومريح، حسب وكالة “فيتش”.

جمهور

عدم الحسم
وعلى الرغم من عدم حسم أرامكو السعودية الإعلان رسمياً حتى الآن عن طرحها الأوليّ، فإن “رويترز” نقلت عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن إطلاق الاكتتاب سيكون في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في وقت كشفت فيه قناة “العربية” أن الاكتتاب سيبدأ في الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

وقالت القناة، نقلاً عن مصادر لم تسمها، إنّ هيئة سوق المال السعودية “ستعلن تفاصيل اكتتاب أرامكو الأحد”، وستحدّد “النطاق السعري” لطرح الشركة العملاقة في الـ17 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. إلا أن هيئة سوق المال السعودية لم تعلّق على اتصال “اندبندنت عربية” لمعرفة التفاصيل حول توقيت النطاق السعري.

الأجواء مواتية للإعلان عن الطرح
من جانبه، قال محمد مهدى عبد النبي الخبير الاقتصادي، إن العالم يترقّب الأحد المقبل الـ3 من نوفمبر (تشرين الثاني) للاطلاع على التفاصيل المتوقعة لاكتتاب عملاق النفط السعودي أرامكو، الحدث الذي تم تأجيله من الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) بغرض مزيدٍ من الإفصاح والشفافية بشأن نتائج أعمال الربع الثالث من 2019، وبيان تأثرها بتوقف الأعمال جراء الهجوم على منشآت الشركة منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرى مهدي أن الأجواء “مواتية” لطرح أرامكو، لا سيما بعد أيام من مؤتمر دافوس الصحراء المنعقد حالياً بالسعودية، والترويج الجيد لمستقبل الاستثمار في السعودية (ضمن أكبر 20 اقتصاداً عالمياً)، وأيضاً بعد لقاءات مع ممثلي الصناديق الاستثمارية الخليجية الأربعاء الماضي مقر أرامكو لمناقشة ترتيبات الجدول الزمني لخطط الطرح والإدراج ليتم الإعلان عن خطوطه العريضة.

وتابع، “ترتيب تلك المشاهد يعزز من أجواء الترقب لسعر طرح أكبر اكتتاب منتظر في التاريخ بتقييم للشركة يصل إلى تريليوني دولار حسب رؤية السعودية، وربما التسريبات الإعلامية عن بدء الاكتتاب في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل تعطى إشارة إلى مساحة الوقت الذى يبلغ نحو شهر للترويج عالمياً لسعر الطرح المتوقع إعلانه الأحد المقبل”.

وأكد أنه لا شك أن طرح 5% فقط من أرامكو ذات الأرباح المليارية التي قدرت بنحو 110.9 مليار دولار خلال 2018 سوف يجذب كتلاً ضخمة من السيولة الاستثمارية حول العالم من الأسواق التي تقترب من قممها التاريخية ومن خارجها أيضاً.