مبادرة ضباط اسرائيليون : وقف اطلاق النار واعادة الاعمار وعودة السلطة لغزة

thumb (2)

هارتس -“شرق”- في كل فترة زمنية بين اشتعال وآخر في القطاع، هناك ميل لصرف الانتباه عن أزمة سكان غلاف غزة. الحوار يتلخص في الخضوع لشعار “لا يوجد حل”، الذي في اساسه الافتراض الخاطئ بأن الخيار الذي يبدأ بالتسليم بإملاءات حماس وينتهي بوهم الضربة الخاطفة وانتهى الامر، التي تهدد بجر الجيش الاسرائيلي للسيطرة على القطاع وادارة حياة مليوني شخص بدون استراتيجية للخروج.

من الجدير أن تقوم الحكومة القادمة بفحص اقتراح حركة “ضباط من اجل أمن اسرائيل”، عملية متدرجة التي تشمل ثلاث مراحل: ترسيخ وقف إطلاق النار واعادة اعمار القطاع وتطويره واعادة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع.

إن العلاقة بين الارجل الثلاثة التي تستند اليها المبادرة تنبع من الظروف على الأرض: بدون اعادة اعمار القطاع لن يكون وقف إطلاق النار مستقر. وبدون ترسيخ وقف إطلاق النار، الدول المانحة سترفض الاستثمار في اعادة الاعمار. الدول المانحة ترفض تقوية حماس، لذلك لن توفر الموارد المطلوبة بدون اعادة السلطة الفلسطينية الى غزة.

هناك ثلاثة تحديات امام تطبيق المبادرة. الاول، رفض حكومة اسرائيل السابقة التمكين من عودة السلطة الى القطاع. الرفض خدم استراتيجية الفصل بين غزة والضفة الغربية التي هدفت الى سلب السلطة الفلسطينية القدرة على الادعاء بأنها تمثل جميع الفلسطينيين، وبهذا تكون شريكة في المفاوضات. يمكن الأمل بأن تفضل الحكومة القادمة القيام بمحاولة لتهدئة الساحة على تبرير التملص من المفاوضات السياسية.

إن تجند حكومة اسرائيل سيضمن اندماج الادارة الامريكية والتعاون مع مصر في غزة سيثمر تجند شركائها، الاردن والسعودية ودولة الامارات. هذا التحالف الكبير توجد له قدرة على استخدام الجزرة والعصا القوية التي يمكن أن تتغلب على العائق الثاني والذي هو معارضة السلطة الفلسطينية العودة الى قطاع غزة.

في حين أن عدد من قادة السلطة في رام الله معنيين بتطبيق هذه العملية، فان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وغيره يعارضونها بشدة. وبدون صلة بسبب المعارضة فان مبادرة اسرائيل يمكنها تقديم رد على ادعاءين مشروعين. الاول هو أن عودة السلطة الفلسطينية الى غزة قبل أن يتم نزع السلاح من القطاع سيحولها الى ضحية لرد اسرائيل على خرق وقف إطلاق النار من قبل طرف ثالث. الرد على ذلك هو شبكة أمان امنية، ترتبط بتفاهمات تحدد شروط الرد على خارقي وقف إطلاق النار. الثاني هو أنه للسلطة الفلسطينية لا توجد الموارد المطلوبة لإدارة القطاع واعادة اعماره. لذلك، يجب أن يوضع في ايديها شبكة أمان اقتصادية بواسطة الدول المانحة، التي ستجند من قبل الولايات المتحدة. في جانب الجزرة، الذي يشمل تغيير تعامل الادارة الامريكية مع السلطة الفلسطينية، للتحالف الاقليمي وأكثر من ذلك لإسرائيل، يوجد قدرة على استخدام عصي يعتبر مجرد التهديد بها قادرا على أن يؤدي الغرض.

الثالث هو حماس: لماذا ستوافق حماس على التنازل عن الحكم في القطاع؟ يتبين أن الشخص الذي يقرر أكثر من أي شخص آخر هو يحيى السنوار. وقد توصل الى استنتاج أنه إذا لم تنسحب حماس من الادارة المدنية فان مصيرها يمكن أن يكون مشابها لمصير ضحايا آخرين للربيع العربي. لذلك، قام ببلورة استراتيجية جديدة اساسها الانسحاب من الادارة اليومية ووضعها في أيدي السلطة الفلسطينية وعودة حماس الى انماط عمل تتمثل في الاستثمار في البنى الانسانية المدنية، كاستعداد لمواجهة مستقبلية على القيادة الفلسطينية، وليس فقط في القطاع.

في هذا الإطار حول رسائل لإسرائيل واتخذ خطوات يتبين منها أنه حسب تقديره يمكنه أن يفرض عودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع، بما في ذلك انتشار حرس الرئاسة من رام الله في حدود القطاع وفي المعابر وسيطرة السلطة على نظام جباية الضرائب، شريطة أن تتم مناقشة نزع سلاح حماس فقط في مراحل متقدمة من اعادة وحدة الادارة الفلسطينية. وعندما لم يتم التجاوب معه وجد ملجأ في تصريحات متطرفة وفي عمليات تصعيد على طول الجدار وخلفه.

لا يمكن معرفة هل السنوار سيتمسك بأقواله إذا تمكن من التغلب على جيوب المعارضة في حماس. على أي حال، دلائل تآكل قدرة حماس على تطبيق سلطتها على منافسيها وعلى رأسهم الجهاد الاسلامي، يجب أن تقلق القادة لدينا. هنا نحن نعود الى السياسة الاسرائيلية. إن الاستجابة لاحتياجات القطاع على المدى القصير ستمكن السنوار من تطبيق استراتيجيته المثمرة، وربما تساعد في تطبيق التزامات وقف إطلاق النار على تنظيمات اخرى في القطاع.

الانتقال من مرحلة الى اخرى في تطبيق التسهيلات الاسرائيلية والمنح الدولية، مشروط بوفاء الطرف الفلسطيني بشروط وقف إطلاق النار واعادة الاسرائيليين المفقودين والمحتجزين لدى حماس. لذلك، الفرص التي تكمن في المبادرة المقترحة أكثر من اخطارها.

إذا نجحت هذه المبادرة فهي ستؤدي الى تهدئة متواصلة وربما ستشكل خطوة في الحملة الطويلة للانفصال عن الفلسطينيين. ولكن ايضا إذا فشلت، فان التحدي الامني الذي سنضطر الى مواجهته لن يكون مختلفا جوهريا عن التحدي الحالي. إن الجهد المبذول لإحداث تغيير بدون استخدام القوة سيضمن أنه في المنطقة وخارجها سيكون هناك تفهم أكبر إذا قامت أو إذا اضطرت حكومة اسرائيل مرة اخرى بالضغط على الزناد. والاهم من ذلك هو أن الاسرائيليين سيعرفون أن حكومتهم لا تعرض حياة الجنود للخطر قبل استنفاد البدائل عن استخدام القوة العسكرية.