مراجعة في كتاب تأملات في الصوفية الجمالية للكاتب جواد العقاد

عبدالقادر ريان

يعرّف كثير من الكتّاب والباحثين، الصوفية على أنها فرقة من الفرق الإسلامية، والتي تبنى على قاعدة الإحسان، والحقيقة أن الفكر الصوفي ليس إسلامياً فحسب، بل هو سابق للإسلام وينفتح على جميع الأديان كون الصوفية علاقة روحانية بين الإنسان والخالق في أي دين، وقد فصل الكاتب هذا الأمر خلال الحديث في نشأة الصوفية مدللاً على ذلك عقلاً ونقلاً.

ومن خلال دراسة “تأملات في الصوفية الجمالية” للكاتب جواد العقاد، نجد أن الكاتب يرتقي في أجواء روحانية عظيمة متحرراً من مادية الحياة لنحت معنى الصوفية وتاريخها،  كما تجرأ على إطلاق  رأيه في الصوفية وهو بذلك يمنح نفسه مناخ للحرية الإبداعية والتي يرفضها مشرفو الأبحاث الأكاديمية في الغالب للباحثين الجدد.

يبحر الكاتب من مفهوم التصوف إلى علاقة التصوف بالفنون ونشأة الشعر والغناء الصوفي والرقص الصوفي وأشكال أخرى من الفنون التي عبروا من خلالها عن معتقداتهم الصوفية وربطها بنظرتهم للحياة، وأضافت الأبعاد الجمالية لهذه الفنون تأثيراً خاصاً على المتصوف، وغير المتصوف أيضاً.

يستعرض العقاد نماذج تطبيقية للفنون التي ظهرت فيها النزعة الصوفية للأدباء العرب، وأهمها مسرحية “مأساة الحلاج” للكاتب صلاح عبدالصبور، والتي يتناول فيها قصة المتصوف والمفكر الصوفي الحسين بن منصور الحلاج المأساوية، لكن نجد أن صلاح عبدالصبور يتحدث عن همومه ومأساته وصعوبة التواصل المباشر مع الأنظمة الدكتاتورية، متخذا الحلاج قناعاً من خلال إسقاطاته الإبداعية، وتحدث الكاتب باستفاضة في مسألة صراع المثقف والسلطة، وقراءة المسرحية على أنها تثير علاقة المثقف بالسلطة واستغلال السياسية بالدين، وهذا مأساة كل مفكر عربي مضطهد من قبل السلطات، بحسب تحليل العقاد.
  
وتناول الكاتب النزعة الصوفية في بعض النماذج من ديوان “مري كالغريبة بي” للشاعر الفلسطيني أنور الخطيب، ورأى أن الشاعر وظف معتقد الحلول بمعنى تمازج الأرواح في خطابه للأنثى، إضافة إلى الكشف عن جماليات توظيف اللغة الصوفية في الشعر، وبحث في الخصائص الفنية في الديوان: الموسيقى، الصورة، اللغة.

كما وتحدث الكاتب عن الأنثى والتصوف في ديوان “أشبهني” للشاعر سليمان دغش، وركز على دلالة الناي والمرايا، ومفهوم الإشراق الصوفي.
وقدم نماذجاً شعرية أخرى تعبر عن حاجته إلى الله، فدرس المناجاة في نص “عزم” للشاعرة باسمة غنيم، وعاد يؤكد على مفهوم صراع المثقف مع الحياة المعاصرة من خلال قراءة بعنوان “صراع المثقف والشاعر” في نص”وإن اختلفت الأسماء” للشاعر أحمد زكارنة. 
وأخيراً أستطيع الجزم بأن كاتبنا جواد العقاد استطاع الارتقاء بنا إلى مرحلة التأمل في جمال الصوفية من خلال نافذة الأدب، وقدم خلالها مناقشة وتحليل نماذج أدبية صوفية بشكل جيد.