فلسطين أم القضايا العربية ومركز التحولات في العالم

الكاتب: د. سليم الخراط

نحن نتوجه نحو ما سيشهده شهر تشرين الثاني المقبل من فعاليات حفل اختتام “جائزة فلسطين العالمية للآداب”، بغية تعريف وتكريم الكتب الأدبية المنشورة في العالم حول قضية فلسطين ومقاومة الشعب الفلسطيني وتحرير القدس الشريف، لان هناك أهمية خاصة لإقامة مثل هذه الفعالية في ظلّ محاولات شرعنة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة والهواة المطبعين والمهرولين المبدعين من الخونة والغادرين العرب الذين تخلوا عن فلسطين وشعب فلسطين في هذا الزمن العربي العاهر الذي سقطت به كل الاقنعة لتظهر الحقيقة جلية وساطعة..!!، حيث كان تاريخ فلسطين الادبي والثقافي والنضالي ولا يزال وسيبقى حافل بعطاءاته التي لا تتوقف، فهناك كتاب كثيرين ساهموا في تجسيد القضية الفلسطينية ورسم معالمها وفي طليعتهم الكاتب غسان كنفاني وشعراء كثيرين ومنهم المميزون كمحمود درويش وسميح القاسم، الذين كانوا نواة لادب فلسطيني منذ ما بعد منتف القرن الماضي مرحلة الخمسيمان والستينات وصعودها العمودي في السبعينات من القرن الماضي منذ منتصف عام 1950 وما شهده بعده من التخولات على صعيد القضية الفلسطينية وهو الذي كان مميزا بشرح الواقع كتابة وتوثيق، بالتوازي مع الشعر والكلمة وفن الكلام وشعراء يجسد حال القضية الفلسطيني تاريخا وأوضاع تقلبت واختلفت، وحول معيشة تنوعت ما بين الداخل والشتات، كانت الملهم والنبع الذي لا ينضب عطاء وطنيا ادبيا وثقافيا في رسم معالم نهج المقاومة وثقافة التحرير، وفي بلورة القضية الفلسطينية التي تحولت إلى أم القضايا العربية والعالمية.

هناك حقيقة وواقعا حول المدى الاستراتيجي والبعيد في تأثير المادة الأدبية في هذا السياق، ففي واقع وحال فلسطين هو ذاك الشعب الحي المقاوم تاريخا يشهد ويتكلم عن ماضيه، ونحن نعلم أن ماضي فلسطين هو أساس ومعلم التغيرات والتحولات والسياسات في العالم كله فهي مهد الاديان والرسالات والكتب والانبياء، هي العقائد والاديان مجتمعة والتي بلورة حقيقة الصراعات تاريخيا وشهدتها وشهدت ما اخرجته للعالم من النظم والتحولات!!، فإن لم نكن اهلا للوقوف الى جانبهم فالاجدر ان ندعهم وشأنهم وهم الأقدر على صناعة التاريخ، حيث نجزم ونؤكد انها لم تتلوث القضية المركزية والثورة الفلسطينية إلا عندما توزعت راياتها واصبحت دكاكين في مختلف العواصم التي قبضت كل منها على جزء من القرار الفلسطيني، والحقيقة واضحة في ان العرب باعوا القضية منذ قمة الدار البيضاء ..!! وتخلوا عن مبدأ قمة الخرطوم بلاءاتها!!.

إلى كل الشرفاء الذين عرفتهم ولم يغنموا من الدنيا سوى الكرامة، والى كل البائسين الباحثين عن العدل الضائع في الأرض، وإلى كل الذين فقدوا فلذات اكبادهم وأحبابهم وبلغ منهم اليأس والحزن والصمت ذرى القلوب والحناجر، وإلى البقية الباقية من الصادقين في أقوالهم وأفعالهم وقلوبهم بيضاء صافية نقية تزهر أملاً وتفيض محبةً وعطاءً، والى كل الأصحاب والاحباب الذين مازالوا على عهد المحبة والوفاء لفلسطين ولم يبدلوا تبديلا، والى أولئك المتصالحين مع انفسهم رغم كل ضغوط الحياة واوجاعها، والى كل الذين يزرعون فينا الحب والأمل أقول : فلسطين شعب لا يموت.. وفلسطين ستنتصر..

دائما يكون انتظارنا متوجها نحو رؤيتنا واستقبالنا لصباح البطولة والفخر المجسد في تضحية وشهادة وقصة نسمعها نعلم بها تتحدث وتشرح عن النجوم المتمثلة في كل مقاوم، اضرب فمن يديك ينهمر المطر ويتحقق النصر، مابين الطلقة والحجر والكون المتفجر والسكينة، وقت قليل لتذخير البندقية وتحديد الهدف، فعندما يصطحب الأب، ابنه وابن شقيقه في عملية فدائية استشهادية، يكون الشعب الفلسطيني قد أكد مجددا، أنه قادر على جعل الأرض جحيما تحت أقدام المحتلين، وأنه جدير بالحياة الكريمة التي تليق بشعب أسطوري في مقاومته وتضحياته فوق أرض وطنه الحر والسيد.

من هنا نستطيع أن نفهم كيف استطاعت وتستطيع اليوم الأعمال الأدبية بمختلف تشعّباتها تحفيز وتشجيع العرب والمسلمين على مواصلة دعم القضية الفلسطينية، وكيف ستبقى وتستمر في تاكيد هذا التحفيز والارتقاء به نحو القمة، فالمقاومة قمة العطاء والتضحية والفداء التي تصنع وستصنع خاتمة الانتصارات والتي لا ولن تنتهي ما دامت القدس ام الاقداس عاصمة العالم والعقائد كلها ..!!؟

اليوم المميز في القضية الفلسطينية هو ما صدر عنها من أدب جديد المعالم ثقافياً مجسداً في أدب المقاومة وثقافتها وهو الذي يرتقي وترتقي معه القضية الفلسطينية وشعب فلسطين في صناعة كل التحولات القادمة والتغيرات، لتكون مجتمعة سلاح موحد لبوصلة المقاومة والتحرير والنصر إن شاء الله.