الشراكة الصينية القطرية.. زيادة التبادل الثنائي وتيسير تدفق السلع

في توجه جديد سينقل البلدين نحو آفاق جديدة وشراكة إستراتيجية، تقف قطر والصين اليوم على أعتاب مرحلة اقتصادية واعدة، في ظل ارتفاع حجم التبادل التجاري وزيادة تدفق الاستثمارات بينهما.

وخلال مؤتمر صحفي عقد يوم الخميس، استعرض السفير الصيني بقطر تشو جيان أبرز أوجه هذا التعاون والشراكة وما اتفق عليه خلال أعمال الدورة الثانية للجنة القطرية الصينية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني، التي عقدت بالدوحة يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وأبرز السفير الصيني أن الفترة المقبلة ستشهد اتخاذ مزيد من الخطوات لتوطيد هذا التعاون، وزيادة حجم التبادل الثنائي، وتيسير تدفق السلع والخدمات والاستثمارات، وتعزيز دور القطاع الخاص، وتذليل العقبات التي تواجه بعض المشاريع.

وقد مكنت هذه الشراكة من زيادة حجم التبادل التجاري وتعزيز نموه بنسبة تزيد عن 77% خلال العامين الأخيرين، إذ ارتفع من 7.6 مليارات دولار في 2016 إلى 10.3 مليارات دولار في 2018، كما بلغت قيمة التبادلات التجارية نحو 6 مليارات دولار في النصف الأول من هذه السنة.

وبالتالي، باتت الصين الشريك التجاري الثالث لقطر مستحوذة بذلك على ما نسبته 11.65% من إجمالي حجم التجارة القطرية الخارجية، كما باتت أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال للصين، حيث تزودها بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال، وينتظر أن يرتفع الطلب الصيني إلى 3.4 ملايين طن سنويا حتى عام 2040، بعد توقيع اتفاقية طويلة الأمد في سبتمبر/أيلول الماضي بين شركة “قطر غاز” وشركة “بتروتشاينا” الدولية المحدودة.

وبالمقابل، زادت الاستثمارات القطرية في قطاع المال والبنوك والعقارات وغيرها من المجالات في الصين، وتعتبر من الاستثمارات الفعالة ذات الطبيعة التنموية، حيث يعد جهاز قطر للاستثمار من المساهمين في بنك التنمية الزراعية الصيني بنسبة 13%.

القطاع الخاص
وخلال كافة اجتماعات اللجان المشتركة بين البلدين، ظل القطاع الخاص يحتل حيزا مهما في صلب جهود تطوير التعاون والشراكة وضرورة تحفيزه بشكل أكبر.

وفي تصريح للجزيرة نت، اعتبر رئيس غرفة قطر الشيخ خليفة بن جاسم بن محمد آل ثاني أن القطاع الخاص في قطر والصين يقوم بدور أساسي ومهم في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية المتنامية.

وأوضح رئيس الغرفة أن القطاع الخاص القطري ينظر للصين كوجهة استثمارية فريدة وجاذبة، حيث يتطلع رجال الأعمال القطريون لتعزيز التحالفات مع نظرائهم الصينيين وإقامة مشاريع في البلدين، مشيرا إلى وجود نحو تسع شركات صينية لديها استثمارات في قطر بنسبة 100%، كما توجد نحو مئتي شركة قطرية صينية مشتركة، تنشط في قطاعات اقتصادية مختلفة، منها قطاعات الهندسة والمقاولات وتكنولوجيا المعلومات والتجارة والخدمات.اعلان

وتعبيرا عن وجود إرادة حقيقية من قطر لتفعيل هذه الشراكة، لفت رئيس الغرفة إلى أنه قبل بضع سنوات افتتح مركز تسوية المعاملات بالعملة الصينية بالدوحة، كما أن قطر كانت في طليعة الداعمين لمبادرة “طريق الحرير”.

وبعد أن أجرت قطر تعديلات على بيئة الاستثمار المحلي لجعله أكثر تنظيما واستجابة لمناخ الأعمال، أصبح بإمكان الشركات الصينية تحقيق التملك الكامل بنسبة 100% في مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية والتجارية والعقارية، إلى جانب عدد من المزايا المتاحة للاستثمار الأجنبي.

وفي بيئة مشجعة، يرسخ الاقتصاد القطري مكانته كواحد من أكثر اقتصادات المنطقة توازنا وقدرة على النمو، وقد حل في المرتبة الأولى عالميا في مؤشر الدول المحققة للنمو الاقتصادي خلال الـ20 عاما الماضية.

وتتركز استثمارات الشركات الصينية في قطر بشكل رئيسي في أربعة مجالات كبرى، وهي القطاع المالي وقطاع البنية التحتية ومجال الاتصالات وقطاع الطاقة.

كما تجد الشركات الصينية نفسها اليوم أمام فرص أخرى مغرية للاستثمار وخاصة امتيازات المنطقة الحرة التي تضمن سياسات تفضيلية تشمل منح الأرض والإعفاء من الرسوم الجمركية ومن الضرائب لمدة عشرين سنة، وقد عينت لجنة إدارة المنطقة الحرة موظفين صينيين لتسهيل التواصل مع المستثمرين الصينيين.  

تطلعات استثمارية
وفي ظل اهتمام صيني بخلق فرص استثمارية مشتركة مع الشركات القطرية، تبرز مجالات واعدة في مختلف القطاعات حول العالم، خاصة في القارة الأفريقية. اعلان

وفي تصريح للجزيرة نت، فتح السفير الصيني تشو جيان المجال واسعا أمام بحث أي تعاون مشترك بين الشركات من البلدين، وبحث الفرص الممكنة للاستثمار في القارة السمراء، معتبرا أن بإمكان قطر والصين بما لديهما من قدرات تمويلية وخبرات متطورة وتكنولوجيا تحقيق أفضل النتائج، سواء تعلق الأمر بأفريقيا أو غيرها من دول العالم.

واعتبر أن بلاده منفتحة دوما على بحث الشراكات التي تقارب بين التنمية المحلية وتحقيق المكاسب بين جميع الأطراف.

وضرب مثالا بمشروع محطة إنتاج الطاقة بالفحم الحجري الناجح في ميناء قاسم بمدينة كراتشي في باكستان، وهو مشروع مشترك بين قطر والصين وباكستان في إطار مشاريع الممر الاقتصادي الباكستاني الصيني الذي بلغت كلفتة الإجمالية ملياري دولار.

وإن كانت الصين تقلل مما يتردد من مخاوف محتملة، أو حدوث تداعيات جراء تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي، فإنها ترى أن الانفتاح على أسواق جديدة وخلق فرص استثمارية خارج حدودها من شأنه أن يخفف من أي اهتزاز في أوضاعها المالية، وهي تطمح لريادة الاقتصاد العالمي بحلول 2030.