لاجئة من عُمر النكبة تترفع للصف الثاني الابتدائي في قلقيلية

لاجئه

شبكة شرق الإعلامية

بدأت اللاجئة الفلسطينية شريفة محمد أحمد علي منصور 64 عاماً من قلقيلية من مواليد نكبة عام 48، مسيرتها التعليمية بطريقة مختلفة؛ عندما طلبت منها أمل أحمد حسنين مديرة مدرسة ذكور قلقيلية التابعة لوكالة الغوث أن توصل ورقة “الحضور والغياب” إلى أحد الصفوف حيث تعمل الحاجة منصور في المدرسة… فقالت “ما بعرف شو هالورقة كيف بدي أعرف لأي صف أودّيها”.

استرعى هذا الرد البريء انتباه المربية أمل حسنين، وإيماناً منها بأن العلم لا يقر حدوداً زمانية ولا مكانية، وبمجرد سماعها عرضت المربية أمل على شريفة (والتي قدمت للعمل في المدرسة بعد حصولها على عقد مدته ثلاثة شهور قدمته لها وكالة الغوث الدولية من خلال برنامج خلق فرص العمل الـJCP) فرصة العمر؛ أن تنضم – إذا أرادت – إلى طلاب المدرسة لتتعلم القراءة والكتابة مع صغار بجيل أحفادها لو كان لديها احفاد.

قبل مجيئها للعمل من خلال وكالة الغوث كانت شريفة تعتني بوالديها قبل ان يموتا وبالمزرعة، لينتهي بها المطاف امرأة أميّة لا تعرف القراءة ولا الكتابة، ما زاد من عبء كفاحها الطويل ووحدتها القاتلة.

لم تتردد شريفة للحظة واحدة في قبول عرض المربية أمل؛ شريفة أرادت، وكان لها ما أرادت. مضت في دربها الجديد هذا بكل عزم وإصرار دون أن تلتفت أبداً إلى الوراء منذ ذلك الحين.

مع بداية هذا الشهر بدأت شريفة ذات الـ64 عاماً مشوارها في الصف الثاني الابتدائي، مؤكدةً أن هذه الفرصة النادرة غيرت حياتها إلى الأبد. قائلة “أصبح لحياتي قيمة أكبر، بإمكاني أن أقوم بحساب قيمة مشترياتي بنفسي، قبل ذلك كنت أذهب إلى المحلات التجارية متكلةً على الله ومعتمدةً على أمانة صاحب المحل ليعيد لي باقي المبلغ دونما إنتقاص، لم أكن أعرف الجمع ولا الطرح، أما اليوم لا انا أعقل وأتوكل. أغادر البيت الآن وأنا على ثقة بأنني سأصل إلى مبتغاي لأن بإمكاني قراءة اللافتات في الشوارع، وبإمكاني أن أطلع على الوثائق التي تحتاج إلى توقيعي في أي لحظة أشاء. لقد اثريت حياتي”.

تأتي شريفة كل يوم إلى المدرسة بكل طاقة وايجابية، بل إنها تبث هذه الروح في زملائها من طلبة الصف. تقول معلمتها ميرفت عدنان هلال: “تمكنت شريفة من بناء علاقات مميزة مع بقية زملائها في الصف. أحياناً تراودني الفكرة بنقلها إلى مقعد آخر بعيداً عن زميلها مهدي الذي تحدثه باستمرار إنهما يتبادلان النصائح حول دروس اليوم باستمرار!”.

معلم شريفة في الصف الأول، الاستاذ وائل إبراهيم شجعها على المضي قدماً وتعلم ما يزيد عن كتابة اسمها والقيام بأبسط العمليات الحسابية: “لقد كانت دائماً شديدة الحماس ولديها قابلية عالية للتعلم، وعند تخرجها من صفي كانت شريفة قادرة على قراءة مقاطع من القرآن الكريم مع إجادة العمليات الحسابية البسيطة.” يستمر الاستاذ وائل بمتابعة تقدم شريفة، بل تمكن من أن يوفر لها حاسوباً محمولاً جزاءً لحسن صنيعها وهمتها التي لا تلين. تطبيقها المفضل هو ذاك الذي يمكّنها من سماع ترتيل القرآن الكريم بصوت عال، حيث ساعدها هذا البرنامج على المتابعة بعينيها ما تسمعه بأذنيها من آيات، ما أحدث تقدماً هائلاً في قدرتها على القراءة.

تفتخر المربية أمل حسنين بإنجازات شريفة وتتوقع منها أن تسهم في المزيد من إضفاء تلك الروح الفريدة في الصف الذي تدرس فيه. “نحن في مدرسة ذكور قلقيلية الأساسية التابعة لوكالة الغوث فخورون بإعطاء شريفة هذه الفرصة النادرة، وسوف نستمر بتزويدها بما يلزم للمضي قدماً في رحلتها التعليمية”.

واضافت حسنين “هذا ما نفعله نحن في وكالة الغوث الدولية، نحن هنا لنقدم. قد تنقسم الآراء حولنا بين شاكر لما تقدمه الأونروا ومطالب بالمزيد، ولكن يتفق الجميع على أن الوكالة باقية ما بقيت الحاجة إليها، وتستمر الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة تأسست بقرار من الجمعية العامة عام 1949 وفوضت بتقديم المساعدة والحماية لحوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها، تستمر بتقديم المساعدة للاجئي فلسطيني في الأردن ولبنان وسورية وقطاع غزة والضفة الغربية ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمحنتهم. وتشمل الخدمات المقدمة من الأونروا التعليم والرعاية الصحية الأولية والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والإقراض الصغير