ماذا كان ينتظر الشعب الفلسطيني من خطاب “هنية”.. ؟!

اسماعيل هنية
اسماعيل هنية

تباينت ردود الفعل بعد الخطاب الذي ترقبهُ الشعب الفلسطيني على “أحر من الجمر” لرئيس الوزراء الفلسطيني في غزة إسماعيل هنية، ففريق يرى أن الخطاب حمل مفاهيم وطنية واضحة وصريحة تجاه القضايا الحساسة التي تعيشها القضية ككل، واستطاع هنية من خلال خطابه أن يزيل بعض الغموض في مواقف الحكومة بغزة وحركة حماس تجاه قضايا عدة.
ويرى الفريق الذي استحسن ما جاء بالخطاب أنه كان خطاباً تصالحياً وأكثر ليونة تجاه المصالحة الوطنية التي أرقت الشارع الفلسطيني، وأعاد رسم الخارطة السياسية للحركة والحكومة، ويصلُح أن يكون محط اهتمام الكل الفلسطيني وان تبنى عليه مواقف عملية على ارض الواقع خاصة فيما يتعلق بالمصالحة.
بينما يرى فريق آخر؛ أن الخطاب جاء مخيباً للآمال؛ لافتقاره للخطوات العملية، والاكتفاء فقط بالتصريحات الإعلامية التي كان هنية رددها مؤخراً عبر تصريحات متعددة، وأن الخطاب لم يكن يلامس المصالح الحياتية التي تشغل بال المواطن الفلسطيني كالفقر والبطالة والحريات العامة، علاوة على افتقار الخطاب للخطوات العملية تجاه ملفي المصالحة الوطنية والعلاقات الخارجية للحكومة والتي تؤثر على المواطن بشكل كبير.
ويرى الفريق الرافض للخطاب أنه كان خطاباً يؤكد على سياسيات حركة حماس العليا، ولا يعبر عن رأي الحكومة التي من المفترض أن تكون أولى مهامها تحقيق المصلحة العامة تجاه المواطنين في قطاع غزة، وقالوا إنه تحدث كزعيم حركة وليس كرئيس وزراء يحكم شرائح سياسية ومجتمعية متباينة.
“وكالة فلسطين اليوم الإخبارية” استطلعت آراء عدد من المواطنين الذي عبروا من خلال آرائهم عن التباين في أوساط الشارع الفلسطيني، تجدر الإشارة أن الخطاب لقي اهتمام ومتابعة الكثيرين، حيث حظي هاشتاق (#خطاب_هنية) لهذا اليوم بأكثر متابعة وانتشارًا من بين الهاشتاقات المخصصة لأحداث فلسطينية محلية في شبكتي تويتر وفيسبوك الاجتماعيتين.

خطاب مخيب للآمال

الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى إبراهيم قال في خطاب هنية :”الخطاب لم يكن على مستوى التوقعات، رغم تأكيده على جملة من القضايا والثوابت، فهو كباقي الخطابات التي كنا نسمعها في اجتماعات المجلس الوطني من قادة الفصائل”.
ويرى الكاتب إبراهيم أن “الخطاب لم يؤكد على احترام حقوق الإنسان والحريات العامة”.
ولفت إلى أنه كان مطلوباً من هنية في خطابه أن يكون أكثر واقعية وشفافية في طرح الأزمة التي يعيشها قطاع غزة، “كما أن حماس تعيش مأزق كما المشروع الوطني يعيش مأزق.”
كما ويرى الإعلامي تامر المسحال أن الضجة الإعلامية التي سبقت خطاب إسماعيل هنية “ساهمت بشكل غير صحي في رفع التوقعات وهيئت الناس لاستقبال كلام جديد ومختلف ولم تكن في الواقع متناسبة على الإطلاق مع مضمون الخطاب”.
وقال المسحال في تدوينة على صفحته الشخصية على (فيس بوك):”في النهاية النتيجة خطاب سياسي مطول حمل تجديد مواقف وتأكيد على رؤى بلا أي جديد إخباري”.
المواطن أحمد عبدالله (50 عاماً) والذي أتضح من حديثه لـ”فلسطين اليوم” خيبة الأمل.. يقول في نظرته لخطاب هنية المطول:”من كثرة الحديث عن خطاب هام لهنية من قبل مسؤولين ومقربين منه، اعتقدت بأن حماس ذاهبة لإنهاء الانقسام بعد هذا الخطاب للأسف جاء بلا جديد للشأن الداخلي الفلسطيني، على صعيد ملف المصالحة .. فهو تجديد لموقف حركة حماس .. وتجديد على خيار المقاومة .. والأسرى”.
ويضيف:” للأسف مرة أخرى، الخطاب كان موجهاً لمصر وحلفائها السابقين أكثر منه بكثير عن خطوات عملية لإنهاء الانقسام، والذي يعتبر نواة المشاكل للكل الفلسطيني، كنا نريد خطاب تبنى عليه مواقف أكثر عملية، وان تلامس الشرائح التي أنهكها الفقر والبطالة”.
وتابع:”اعتقدت لوهلة أن هنية سيسلم قطاع غزة لإدارة مدنية، ويهيئ الأجواء لانتخابات برلمانية، لحل الانقسام، لكن ما جاء به هنية كان عبارة عن تجميع لجميع مواقفه ومواقف حركة حماس للعام الماضي”.
ويقول المواطن إبراهيم شقورة (22 عاماً) :”كلام هنية لم يرتقي لمستوى التوقعات.. كلام مكرر لا جديد فيه ولا يحمل في طياته إلا التأكيد على مواقف حركة حماس ..”.
ويضيف شقورة لـ”فلسطين اليوم” :”الخطاب أخد من الصدى ومن الحديث الكثير ليرجع الغزيين بخفي حنين، كنا ننتظر خطابا يلامس المعاناة التي يعيشها الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة المحتلة، صحيح أن هنية تطرق للأوضاع الاقتصادية لكن ليس كما يجب، خطاب هنية لم يقدم جديد على صعيد تضخم معدلات الفقر والبطالة، صحيح أن هنية تطرق للثوابت الوطنية وأكد عليها لكن يجب تدعيم ذلك الحق عبر دعم قطاعات الشعب الفلسطيني وردفه بمقومات الصمود والتي أولها تحسين الواقع المعيشي، علاوة على اتخاذ خطوات حقيقية من شانها إنهاء الانقسام وتثبيت الوحدة الوطنية”.
ويقول ابراهيم مسلم في تدوينته على فيس بوك :”الخطاب لملم التصريحات كلها في وقت زمني واحد ..لكن قوي من حيت الوضع المصري ..بعتقادي تأكيد المأكد !”.
أما إيناس قنديل، فقالت في “فيس بوك” :”بجد أنا أحبطت من الخطاب لأني كنت متوقعة اسمع أشياء جديدة”.
كما أن المواطنة ديانا مغربي فترى في تدوينتها على فيس بوك “معلش زيادة نشاط لدى الإخوة في المكتب الاعلامى ،،، دبحوا الشارع بخطاب هنيه … ضجة إعلامية مبالغ فيها …”.
فيما قالت عبير جمال في تدوينة على فيس بوك:”الله وكيلك ولا اشي فهمت منه كل حكي تكرار وتكرار وقال التكرار بعلم الشطار بس احنا تعبنا من التكرار يعني عن جد توقعنا قنبلة سياسية اقتصادية، اي اشي يفرحنا بدل الغم الي احنا فيه ياريتها كانت قاطعة الكهربا كان ماتحسرنا”.

ترحيب بالخطاب

بينما، رأى مواطنون وفصائل وطنية وإسلامية في خطاب هنية مبادرة عملية لإنجاز المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الحاصل، وأعاد الخطاب رسم خريطة التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية، وأشفى غليل المواطن الفلسطيني، وجاء عند توقعات العامة، حسبما قالوا.
وكان هنية جدد موقفه من المصالحة على أساس كل ما تم الاتفاق عليه، باعتبارها الخيار والقرار الاستراتيجي، دون التحسر على الماضي؛ بل مواجهة الحقائق كما هي ووضع يدنا على مواضع الخلل وإحداث نقلة نوعية.
المواطن حمزة خليل (26 عاماً)، قال :”خطاب هنية كان على قدر المسؤولية الوطنية، ولامس جميع الفئات وكان جامعاً شاملاً لهموم القضية الفلسطينية، ويصلح أن يكون محط اهتمام القادة السياسيين في الوسط الفلسطيني”.
وأضاف خليل:”الخطاب جسد الهموم الفلسطينية وما جاء فيه يعتبر ليونة في مواقف حركة حماس والحكومة الفلسطينية تجاه المصالحة، وتأكيداً منهم على حرصهم على المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام، المفروض التقاط الخطاب والبناء عليه عملياً لا الهجوم عليه”.
أما المواطن محمد صلاح (25 عاماً)، فيقول :”الخطاب حمل الكثير من المعطيات السياسية الهامة والتي جسدت حرص سيادة الرئيس هنية على المصلحة الوطنية العليا والتي من أهمها المقاومة الفلسطينية.
ويضيف: “تحدث هنية كرجل مسؤول عن قضايا شعبنا فقد تحدث عن القدس والمقاومة في غزة والضفة والمصالحة والأسرى واللاجئين فكان شامل لكل القضايا ولم يركز على قضية واحدة، وهذا دليل على أن هنية يتحدث كمسؤول عن شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده”.
ويرى صلاح :”هنية في خطابه أرسل رسالة لـ”إسرائيل” وأمريكا أن غزة رغم حصارها إلا أنها صامدة وقوية بمقاومتها وأن الآلاف من المجاهدين تحت الأرض وفوق الأرض ينتظرون معركة التحرر وهذا دليل على أن هنية ما زال متمسك بخيار المقاومة التي دفعت العدو الصهيوني للتفاوض معها في معركة الأيام الثمانية وكانت نجاحاً كبير لها خاصة بتوحد أطياف شعبنا في مواجهة العدو”.
رأى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، أن خطاب رئيس الحكومة في قطاع غزة ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، تتجه نحو خيار إعادة موضعه نفسها كحركة مقاومة فلسطينية، للخروج من الأزمة التي تعيشها.
وعقب عوكل على خطاب هنية لمراسل “فلسطين اليوم” بالقول، أن الجديد في خطاب هنية هو أنه كنا نتحدث عن أزمة لدى حركة حماس بعد التغيرات في مصر والإطاحة بالإخوان المسلمين بالإضافة إلى مشاكلها مع تحالفاتها السابقة، كانت أمام خيارين للخروج من الأزمة وهي خيار المصالحة أو خيار إعادة موضعة نفسها كحركة مقاومة فلسطينية، مؤكداً أن خطاب هنية يشير إلى أن حماس اتخذت القرار الثاني.
بدوره دعا الدكتور رباح مهنا عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى التقاط خطاب رئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنيه الذي ألقه اليوم السبت لما فيه من ايجابيات كثيرة والدعوة إلى الحوار الوطني الجدي من أجل وضع آليات لتنفيذ اتفاقيات إنهاء الانقسام لأنها ضرورة وطنية ملحه.
وقال مهنا لوسائل إعلامية ان خطاب هنيه كان ايجابيا وتحدث فيه بشكل جيد عن المقاومة وتحرير كل فلسطين وانتقاد المفاوضات والمطالبة بإيقافها(..) مشيرا الى انه كان ينقصه بعض المطالب التي كنا نتمنى ان يتضمنها الخطاب.
وأوضح مهنا ان خطاب هنية تحدث عن كل أشكال النضال المشروعة الدبلوماسية والسياسية والعسكرية لمقاومة الاحتلال.
أما حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وعلى لسان القيادي أحمد المدلل فأكدت أن خطاب رئيس الوزراء بغزة إسماعيل هنية كان ايجابيًا وشاملًا، وهو محل دراسة واهتمام؛ حيث تطرق لقضايا وملفات مهمة تخص القضية الفلسطينية.